النهضة وشركاء الأمس واليوم

<img src=http://www.babnet.net/images/1a/quatrepartis.jpg width=100 align=left border=0>


بقلم حاتم الكسيبي

باتت النهضة الغائب الحاضر في الحكومة الحالية والمساند الرسمي لها و لاستمراريتها لما يدركه هذا الحزب من مخاطر قد يتأرجح فيها الاستقرار النسبي المكتسب وينحدر البلد الى الفوضى من جديد. كيف لا وكتلتها تقف في صف الحكومة مدافعة عن سياساتها و منهاج حكمها المتأرجح بين اطفاء الحرائق و مواصلة مرحلة البناء السياسي والقانوني للهيئات الدستورية و أجهزة الحكم المحلي. انّ كتلة النهضة دون غيرها من الكتل تمثل الداعم الأكبر لحكومة الصيد فهذه قيادتها تصرح صباحا مساء بضرورة التحلي بالصبر و النفس الطويل حتى تتهيأ الظروف الملائمة سياسيا و اجتماعيا لمواصلة المشوار الديمقراطي و قطع الطريق أمام الفوضى والاستبداد. لقد اقتنعت معظم قواعدها بضرورة الابتعاد عن الحكم المباشر في المرحلة الحالية و الاكتفاء بالتأثير المستتر الذي أضحى سهلا ممتنعا تكاد تفتقده جل الأحزاب. لقد أضحت النهضة رقما صعبا يحكم ظروف الاستقرار و السلم الاجتماعي بعد أن ارتدت أصوات الانقلاب و أضحت وحدة الوطن و تجنيبه الفتن التي لا زالت تظهر هنا وهناك من أوكد سياسات النهضة.
النهضة التي دعت منذ أول انتخابات بعد الثورة الى تشاركية في الحكم فلبّى يومها المؤتمر والتكتل دعوتها و كانت أول تجربة شراكة في تونس نالت من الاستحسان الخارجي ما نالت و انتقدت محليا نقدا مجحفا حتى أجهز الحوار الوطني على آخر تركيبتها و كوّن حكومة التكنوقراط التي بدأت الألسن تلوك ملفات فسادها و عدم كفاءة عدد من وزرائها واللغط الذي رافق عديد الصفقات والعقود الذي يشار اليه في الصحافة الالكترونية والمسموعة وكذلك في منابر الحوار التلفزية. انّ شركاء الأمس الذين تجزأت أحزابهم هرعوا الى تحقيق مطالب الثورة بسرعة جنونية فاصطدموا بحوائط الروتين الاداري المتعمّد وغير المتعمّد و ضعف أجهزة الدولة آنذاك. لقد أرادوا خوض معارك مقاومة الفساد و اصلاح الاقتصاد والتعليم و البينة التحتية في آن واحد وفي جو مفعم بالمطلبية المشطة والأزمات الاجتماعية و حرية نهل الشعب الكريم منها الكثير بعد أن كانت مفتقدة لعشرات السنين. كنّا ولا زلنا نتابع عناترة السياسة ينظّرون بحماسة لإيقاد نار الثورة من جديد وكأنها خبت وتحولت الى رماد رغم ما نالت أحزابهم وتشكيلاتهم السياسة متفرقة ومجتمعة من أصوات في انتخابات السنة الفارطة فكان التنصل من المسؤولية وحمّلت النهضة أوزار الهزيمة وتردي الأوضاع.
...


وفي نفس الوقت اشتغلت أطراف معارضة للنهضة والترويكا على صناعة الأزمات والاضطرابات وتضخيمها اعلاميا كما صرّحت عديد الوجوه السياسية والاعلامية آخرها نبيل القروي الذي لاح ندم عميق من بين تصريحاته واعترف بسوء تقدير لمرحلة الانتقال الديمقراطي التي لم تكتمل في أحسن الظروف. كانت هذه الأطراف المعارضة داعية الى نمط مخالف لما كانت تدعو له الترويكا بعد ان اتخذت مخالفة النهضة في الصغيرة الكبيرة من أبرز أولويات برامجها. نجحت تلك الفكرة نسبيا ولكن ليس بالحد الكافي الذي يمكنها من الانغماس في تصفية الحسابات السياسية و اعادة هيكلة نظام الدولة والحكم على طريقتها المعهودة و المعتمدة كليا على سلطة قرار القصر. لقد كان الفوز في الانتخابات مرّا فلم يلبّ الحد الأدنى من الوعود وخصوصا تقزيم النهضة سياسيا و اظهارها كحزب منهزم يتحمل أخطاء الماضي القريب فيحنّ الشعب الكريم الى الماضي البعيد و تعبث بالأذهان نوستالجيا عهد الاستقلال وبناء الدولة. لم تنجح الفكرة أصلا وتفصيلا و وجد الفائزون يد النهضة ممدودة الى شراكة طويلة الأمد فتورط بعضهم بالتعجيل في القبول وتورط البعض الآخر بالامتناع التام فكادت رياح التجزئة والتقسيم أن تعبث بالفائزين فتصدق مقولة النوري بوزيد لما قال ‘‘ الّي يشارك النهضة في الحكم يتفرّك‘‘.
هذه النهضة تنقاد في فترة وجيزة من الوقت الى تقديم مصلحة الوطن والتعامل ايجابيا مع ما أفضت به الصناديق فتمتثل لابجديات الديمقراطية دون التقيد المشروط بالمصالح الحزبية والفكرية. وهاهي أحزاب حديثة عهد بالتنظم أو سليلة احزاب كبيرة مندثرة تحاول اقحام المصلحة الحزبية الضيقة والاستفادة من الاسقاطات الايديولوجية والنمطية وكذلك من مجريات الأحداث التي أدت الى تركيز الحوار الوطني كحكم بين الفرقاء لاكمال مرحلة الانتقال الديمقراطي. انّ عهدنا بالشراكة في الحكم لا زال يطول وقد يقود البلاد خلال فترات طويلة مادامت الرؤية الاجتماعية والاقتصادية ضبابية و مادامت القلاقل المنتشرة اقليميا تعصف بالمنطقة ككل فتضرب تونس المثل كعهدها مع التاريخ.






   تابعونا على ڤوڤل للأخبار

Comments


7 de 7 commentaires pour l'article 106152

Swigiill  (Tunisia)  |Dimanche 31 Mai 2015 à 15h 55m |           

بعد الانتخابات و صدور نتائجها رسميا، النهضة لقات روحها بين امرين احلاهما مر:

- اما معارضة من في الحكم و الدخول في معارضة قوية يمكن ان توصلها للسجون و التعذيب من جديد عبر تدبير الفوضى و الاغتيالات في البلاد و نسبتها لها و لشركاءها...

و مثال مصر ليس بالبعيد عنا و معروف ما الت اليه الامور هناك، ...

- و اما الاستكانة و مناصرة الحكومة و السير خلفها و اقالتها اذا تعثرت و من جانب اخر ضمان مصالح امريكا و الاوروبيين في البلاد " انظروا اجتماعات الغنوشي اسبوعيا تقريبا بهم لتفهموا كل شيء"

و ما يصدق التمشي الاخير موقف النهضة من القضايا المطروحة في البلاد، فهي في تناغم تام مع "اعداء" الامس و تقف الى جانبهم في جل سياساتهم الاقتصادية و الاجتماعية و غيرها ...

رغم انها كانت الى وقت قريب تعرف نفسها انها تملك البرنامج البديل و الحل لجل مشاكل البلاد ..." انظر برنامجها الانتخابي المتكون من 365 نقطة" ...

اختارت النهضة نهج الانبطاح و المداهنة لضمان عدم محاسبتها ممن ربح الانتخابات ،...

و لضمان عدم انقلاب منافسيها في الحكم عليها عمل رئيس حركتها على طمئنة الخارج " امريكا و الاوروبيين اساسا" على ضمان مصالحهم في تونس و الوقوف سدا منيعا امام كل نفس ثوري للمحاسبة او لمقاومة الفساد في الدولة،...

و لكن الي يحسب وحدو يفضلو و برشة زادة و ستكون هذه السياسة وبالا على النهضة و قيادييها من حيث لا يدرون و كما يقال ذو الوجهين لا وجه له

3aidin  (Canada)  |Dimanche 31 Mai 2015 à 15h 10m |           
Premièrement Ennahdha ne représente plus l'islam politique pour que la gauche soit contre elle après la constitution qu'elle a adoptée et supportée et l'insouciance vis-à-vis les lois en vigueur qui sont clairement un défi aux lois islamiques comme le système bancaire qui favorise ceux qui se foutent du RIBA au détriment des pratiquants, sans nommer celles liées au comportement personnel comme l'alcool, adultère etc...
Deuxièmement il y a la possibilité d'être dans l'opposition (positive qui ne met pas le bâton dans les roues) qui tout en permettant à l'équipe de s'habituer aux dossiers du gouvernement et côtoyer le pouvoir en participant à des commissions, permet de décharger le parti de sa complicité devant sa conscience et celle de ses électeurs.
Alors arrêtez de pleurnicher! Ce sont des tactiques vieilles et inefficaces de nos jours.

Antar Ben Salah  (France)  |Dimanche 31 Mai 2015 à 12h 33m | Par           
Il y a une guerre mondiale contre l'islam et surtout par l'extrême gauche . Et les parties islamistes font profil bas pour éviter l'affrontement directe qui ramène à une situation catastrophique générale .

TheMirror  (Germany)  |Dimanche 31 Mai 2015 à 12h 10m |           
من الآخر

النهضة فهمت اللعبة: عوض النضال و بهذلة السجون اختارت النهضة الانبطاح و تبييض النظام السابق ما يضمن لها التمعش من الحكم و العيش في أمان تحت جلباب النظام السابق.
النهضة نسيت أنها تلعب لعبة قذرة لم و لن تخفى على الشعب التونسي، شعب الرجال و الحراير

3aidin  (Canada)  |Dimanche 31 Mai 2015 à 11h 32m |           
يغني و جناحو يرد عليه
بالله ما عادش تستعملوا كلمة غوغاء على خاطر الي يستعملها يفكرني بالببغيو يعاود من غير ما يفهم

3aidin  (Canada)  |Dimanche 31 Mai 2015 à 11h 28m |           
آش تحب تقول بالظبط اتكلم ما تحشمش

Faycel2  (Tunisia)  |Dimanche 31 Mai 2015 à 11h 26m |           
تحليل عميق منطقي ومتميز بعيد عن الغوغائية والتشنج قل ما نرى مثله في وسائل الاعلام المحلية
شكرا استاذ حاتم


babnet
All Radio in One    
*.*.*